هوس العرب بتحميل وتخزين الملفات و مشاركتها

(1)
لا يخفى على الكثير من الناس أن التعليم والمواد التعليمية أصبحت سهلة وميسرة من ذي قبل، وأصبح الحصول على المعلومات ميسر وسهل في جميع المجالات، والدورات التدريبية متاحة للجميع على شبكة الانترنت مثل: "تعلم اللغات – تعلم برامج الكمبيوتر المختلفة) ونستطيع أن نقول أننا نعيش هذه الأيام حقبة ذهبية استثنائة على جميع المستويات المحلية والدولية، وهذا الأمر للوهلة الأولى يوحي للمشاهد أو المراقب بأننا سنرى دفعات جديدة من المتخصصين والمحترفين في هذه المجالات وأننا سنغزو العالم بالعلم ويعود مجد الأمة الإسلامية من جديد وأن القوانيين ستتغير لصالحنا وسنحكم العالم قريبا وندخل معادلة المنافسة في جميع العلوم مع الدول الكبرى!
فلا يخفى على أحد المبادرات المختلفة على شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بو – تويتر – جوجل) بالإضافة إلى "المواقع والمنتديات العربية" منذ سنوات وحتى اليوم والتى تهدف إلى نشر ثقافة "الدورات التدريبية المجانية" أو "التعليم المفتوح"  للتعلم والاستفادة ونقل الخبرة مثل: تعلم لغات إضافية أو تعلم الرسم والتصميم وانتاج الأفلام الكارتونية والتطبيقات التفاعلية وتصميمات المواقع والبرامج، بالإضافة إلى مختلف العلوم ذات النفع العام، وبالتوازي مع "الدورات التدريبية المجانية" ظهر نوع أخر منها وهو "الدورات التدريبية" التى تقدم بأسعار مخفضة جدا، ثم يقوم أصحابها بعد فترة من الزمن بعد أن يحقوقون ربح بسيط منها، يقومون بطرحها مجاناً للجميع "فجزاهم الله خيرا"، وهذا الأمر نشجعه حتى ينتشر العلم ويُستفد منه بحق، بالإضافة إلى أنها نوع من أنواع الصدقات الجارية أن كان لصحابه نية في ذلك.
(2)
لكن من الملاحظ أن مشاركة هذه "الدورات التدريبية" على المواقع (الشبكات الاجتماعية – المنتديات - ... إلخ) توجيه المتابعين لتحميلها والاستفادة منها أصبح موضة أكثر منها قرار مسؤولا يعطي نتائج إيجابية للفرد والمجتمع.
فكل واحد منا يريد أن يحصل على بعض الحسنات وحزمة كبيرة من الدعوات بالخير وبعض الشهرة يسعى لنشرها على حسابه أو إعادة مشاركتها فهل يا ترى حاول الاستفادة منها؟! فالكثير من هؤلاء إما يفعل ذلك من أجل الربح المادي أو أصبحت مثل هذه الأفعال هوايته المفضلة والتى تعطي انطباعات جيدا للمتابعين له – لا أقل ولا أكثر - بل لو قمنا بالمراهنة على الأمر لوجدنا أنه لم يحملها ولم يطلع حتى على محتويات "الدروات التدريبة" أو "الملفات" التى يدعو الناس إلى تحميلها بل ويتطوع ليقول لهم أن هذه "الدورة" مهم جدا ومفيدة للغاية !(وهنا نقول لا بأس بمثل هذه الأمور فمساعدة الاخرين عمل جميل ندعو الله أن يتقبله لكن أقل شئ ساعد نفسك أولا ففاقد الشئ لا يعطيه) فنحن لا نريدك أن تكون غراً. وأيضا: اقرأ موضوع "قرص الخير".
(3)
بالتوازي مع مثل هذه المنشورات المكثفة والحملات التعريفية "بالدورات التدريبية" نجد بالفعل الكثير من التحميلات بل والكثير منا يحتفظ على "حاسوبه الشخصي" بمئات من "الجيجا بايت" من "الدورات التدريبية المرئية والمكتوبة وتزيد المساحة المستهلكة كلما وجد مادة جديدة قام بالمبادرة بتحميلها، وكأننا في سباق حقيقي نحو التسلح بالمعرفة، ويأسفه إنما هو جميع وتكديس كعادة الكثير منا عندما تبلى ملابسه القديمة أو مقنيات وأجهزة تالفة أو انعدمت قيمتها وأصبحت "خردة" فيحتفظ بها في بيته أو مخزنه للذكرة وعسى أن يرتفع سعرها يوما ما. فهؤلاء يرفع شعار: "الملف إلا ما يفيدك اليوم يفيد حفيدك بعد موتك".
(4)
والمضحك أكثر أن هؤلاء يسارعون للحصول على استعارة عضوية "مدفوعة" في موقع مشهور لتعليم والدورات االتدريبية من بعض أصدقائهم لبعض الوقت، من أجل تحميل دورات تدريبية، فقط ليحتفظ بها على جهازه وآخرون يشترون ويدفعون أموالهم فقط ليطلعون على بعض محتويات دورة تدريبية ثم تنتقل إلى "حاسوبه" في مجلد "حفظ الدورات التدريبة" قسم "تسليح وزخيرة" وكأننا في متسودع للأسلحة، أو قسم "الدورة التدريبية إلا ما تنفع اليوم تنفع غدا" ويمكن سعرها يرتفع.
يشبه هؤلاء في نظري الدول العربية والإسلامية التى تشتري الأسلحة وتكدسها في مخازنها وتظن أن ذلك يعيطها بعض التفوق العسكري على الآخرين، بينما التسليح الحقيقي هو تمكنك من انتاج أو تنصيع السلح وتطويره واستخدمه باحترافية، والربح منه أيضاً.
وما نريد قوله: ينبغى على "العقلاء" أو يتوجب علينا جميعا عند تحميل "دورات تدريبية" معينه أن نكون بحاجة لها وأن نقوم بدراستها وفهمها واعطاءها الوقت اللازم لذلك والاستفادة منها وتطبيق ما فيها للحصول على نتائج، فالقراءة بدون تطبيق - لن تسمن ولن تغني من جوع -، لكن بالتطبيق ستجد تغير كبير في مهاراتك وستجد تطور كبير وتقدم في مجالاك وتخصصك. وحينها لن تكون غراً.
(5)
فالكثير منا يظن أن مقدار معرفته يساوي الحجم الإجمالي "للدورات التدريبة" المخزنه على حسبوبه في مجلد "أسحله وذخيرة"، إن كنت تظن ذلك فأنت واهم حقا وتكذب على نفسك وهذا أكثر أنواع الكذب بشاعة – للأسف - ، مستواك المعرفي لا يعبر عنه "الدورات التدريبية" المخزنة في حسبوبك في مجلد "الأسلحة والذخيرة الوهمية"، مستواك المعرفي تحدده أمور أخرى، منها ما في ذهنك من معارف وأيضا قدرتك على استثمار هذه المعارف في حياتك! كي تنتفع بها في الدنيا والآخرة.
وأكثر الأمثلة التى تؤكد هذا الكلام، أن ثقافة التعليم المفتوح قد انتشرت بشكل كبير في السنوات الماضية والنتيجة عندما تريد عمل موقع إنترنت ضخم أو تطبيق ضخم أو أعلان تليفزيون هادف أو مقطع كارتون أحترافي لا تجد المحترفي بحق، نعم هناك محترفون لكن أين هم؟! "قلة وخرجت من عالما العربي" ومن بقى منهم مات في وطن لا يقدر مهاراته.
ينبغى علينا أن نعلم أننا تجاوزنا مرحلة "التعليم المفتوح المجاني" في وطننا العربي، لقد آن الأوان ليتحرك الجميع ويطمئن على حسوبه وخاصة مجلد "الأسلحة والذخيرة الوهمية" ليجد بداخلها "الدورات التدريبية" لينفض عنها الغبار ويزيل عنها الصداء ويخصص لها الوقت كي يستفيد منها وإلا ستظل رهينة "القرص الصلب" ولا أثر لها في حياتها ووقعه. "نحن لا نحتاج إلى طريقة للتعلم" فقط أفتح "مجلدات القديمة" وفتش فيها ستجد ما تريده.
.شاركنا رأيك وتجربتك حول هذه القضية

 آدم آدم

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال