لا شك أن هذا العصر يختلف عن العصور السابقة؛
وذلك لتعدد وسائل الإعلام والاتصال فيه ولتميزه بالمعلوماتية، ولكن العالم قد أصبح
قرية صغيرة متصلة الأطراف، وترتب على ذلك نشأة جيل ذي طابع وسمات تختلف عن الأجيال
السابقة له.. جيل يتفتح ذهنه قبل الرابعة من عمره.. لا بعد السادسة كسابق
الأجيال.. ودليل ذلك وجود مرحلة دراسية للأطفال بدءاً من هذه السن.
ووجهة نظري بهذا الشأن أن الوالدين إن أرادا
تميز ولدهِما فعليهما بمراقبة بدء تمييزه للأشياء دون النظر إلى السن.. فإن بدأ
فهم بعض الكلمات ولو من سن عام واحد تبدأ الأم في تعريفه بما حوله من أشياء،
كأسماء أثاث المنزل، وأسماء الحيوانات التي حوله، والبشر المتعامل معهم، فإن وجدت
استجابة منه استخدمت معه مهارة أخرى وهي مهارة الربط بين الأشياء كالحيوان وصوته
مثلاً.. وهكذا.. ثم التعريف بأشكال الحروف وأسمائها.. فهو يعرف الحروف على أنها
شكل من الأشكال لا أكثر ولا أقل.. فإن بدأت هذه السلسلة منذ العام الأول فإن الطفل
مع اكتمال العامين- هذا إن كان متميزاً- يكون قد أدرك الحروف الهجائية كاملة.
بل أن الأم تستطيع أن تجعله يدرك كلمات كاملة
على أنها مجرد أشكال.. بل وآيات قرآنية مفصلة إلى كلمات، ويبدأ في حفظ القرآن
الكريم مع الاستعانة ببعض أشرطة التسجيل للقرآن المرتل..
وهكذا نجد أن الطفل قد بلغ في سن العامين أو
العامين ونصف العام ما تدرسه المناهج حتى سن السادسة وما بعد السادسة.. ويقع بعد
ذلك العبء على المؤسسات المعنية بالتعليم.. حيث تلتقط هذه العقول فتنميها في فصول
خاصة تتيح لها المهارات التي تنمي القدرات أكثر وأكثر، وتعطيها مناهج تكبر سنها
بسنوات وتتقبل منها الأفكار والرغبات، والطموحات، والابتكارات مهما كانت يسيرة
فتعلي شأنها وتشجعها..
وعندما يكبر سن هذه العقول نجد أنفسنا أمام
عقلية عالِم يريد أن يقطع عالَم العلم والمعرفة والابتكار كالجواد المضمر لا يحتاج
إلاّ لمن يأخذ بيده إلى تلك الرحاب الواسعة لتخصيص مراكز للتجارب ولتنفيذ
الابتكارات، ولتطبيق الأبحاث العلمية.. إلى غير ذلك.. وهنا نصنع جيل العلماء
وترتقي أمتنا إلى أعلى الآفاق.
نادية عدلي