لماذا انتحروا..؟!

مع تزايد حالات الانتحار في الدول العربية والإسلامية ترجع أهمية هذا الموضوع فهو حقا يستحق القراءة فيعرض المشكلة ويعرض حلول.
البداية
نسبة: تتروح أعمار المنتحرون ممن يقدمون على الانتحار ما بين 14 و 40 عاما في الغالب أو بنسبة كبيرة قد تص إلى 70% وفق حالات الانتحار في السنوات العشر الآخيرة.
تطالعنا وسائل الإعلام بنماذج وحالات مختلفة ممن يقدمون على هذه الجريمة الذين قد يختلفون فى الطريقة لكنهم يتفقون فى بشاعة الفعل.
لماذا انتحروا؟!
ومن أمثلة ذلك رجل يقتل أبناءه وزوجته ثم ينتحر بسبب الشك فى سلوك زوجته أو بسبب الغيرة أو الخوف على مستقبل الأبناء! وزوجة تقرر الانتحار بسبب مصروف البيت فتشعل النار فى نفسها! وفتاة تختلف مع خطيبها فتتناول سم الفئران فيقوم خطيبها بالانتحار أيضا لشعوره بالذنب تجاهها! ورجل يقتل بناته الخمس وأمهن ثم ينتحر لأنه لم ينجب سوى بنات! وطالب يلقى بنفسه فى النيل بسبب رسوبه وآخرى تقتل نفسها لإعدم استطاعة أسرته دفع مصروفات الدراسة وأخر لعدم قدرته على الإنفاق على أسرته!(مستشفى العقلاء)
وما يقلق حقا أن موضوع الانتحار أصبح ظاهرة كما يحدث فى الدول الأوروبية إلا أن تزايد عدد حالتها فى وهذا يدعو للقلق ويدفعنا لدق ناقوس الخطر للتعرف على الأسباب التى أدت إلى تزايد هذه المشكلة فى الآونة الأخيرة وكيف يمكن مواجهتها والتصدى لها.
يقول د. رشاد أحمد عبد اللطيف (أستاذ تنظيم المجتمع( يقدم التفسير الاجتماعى لهذه الجريمة ويقول: العامل المادى يأتى فى مقدمة هذه الأسباب لأن طغيان الطابع المادى يدفع الإنسان لارتكاب الجريمة حتى مع أبنائه ومع نفسه كما أن الفقر وصعوبة توفير احتياجات الأسرة يجعل بعض هؤلاء يتخلصون من أبنائهم لأنهم لا يستطيعون توفير الحد الأدنى للحياة لهم أو لأنفسهم وكذلك التفسخ الأسرى الذى أصاب العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة والمجتمع وهو أمر يشعر الفرد بالعزلة والوحدة وفقدان العون وأنه لا يجد ما يستحق الحياة من أجله فيستهين بحياته التى لا تهم أحدا ولا ينشغل أحد بها! كما أن الطموح الزائد عن حدود الإنسان وإمكانياته عند الذين لهم طموحات كبيرة يجعل الانتحار أحد الحلول التى تراودهم وهو حل يظل يتضخم حتى يصبح الحل الوحيد لديهم والمنقذ من الورطة التى يعيشونها فيقدم على هذه الجريمة.
ويضيف : إن البعد عن الدين سبب رئيسى فى وقوع مثل هذه الجرائم فالدراسات الاجتماعية أثبتت أنه كلما ازداد الناس تمسكا بأمور دينهم؛ قلت نسبة ارتكابهم لهذه الجرائم والعكس صحيح؛ ففى البلاد التى يتلاشى فيها التدين ويكثر فيها الإلحاد تكثر فيها نسبة الانتحار رغم أن هذه البلاد تكاد تخلو من المشكلات المادية تماما بل البعض يقدم على الانتحار لأنه ليست لديه مشكلات تشغله ويبقى الحل فى عودة الناس إلى الدين أولا لأنه يخلق حالة من الطمأنينة فى القلوب تقاوم مثل هذه الوساوس كما يبنى فى نفوسهم الثقة ويشعرهم بأن الحياة لها هدف وأنها مقدمة لحياة أخرى لا يجوز للإنسان أن يخسرها فإذا تحقق ذلك فإن أسبابا كثيرة لوقوع الجريمة ستتلاشى مثل الزواج غير المتكافئ وزواج المصالح واختيار الزوجة دون تدقيق فى دينها وخلقها وكذلك اختيار الزوج وغيرها من الأسباب التى لها علاقة بالانتحار لكنها تأتى فى الأساس من تراجع مكانة الدين فى حياة الانسان.(مستشفى العقلاء)
ضغوط الحياة


توضح د. إجلال اسماعيل (أستاذ علم الاجتماع) أن الانسان يتعرض بشكل يومى إلى كمية من الضغوط النفسية والعصبية فى تعاملاته اليومية فإذا افتقد العقيدة القوية التى تواجه هذه الضغوط كان صيدا سهلا لليأس الذى يمثل الباب الرئيسى للانتحار. كما أن هناك أسباباً غير مباشرة تؤثر فى نفسية الفرد بشكل أقوى من الأسباب المباشرة وقد ترجع إلى مرحلة الطفولة والتكوين الثقافى وطبيعة (التشكيل الأيديولوجى) للفرد ولا شك أن الزحام الشديد والعنف والتنافس والمشاكل المادية والإغراءات الموجودة داخل المجتمع كل هذه العوامل تمثل ضغوطا نفسية على الإنسان ويتأثر بها كل فرد حسب ظروفه وقدراته حيث تنتهى بالضعيف إلى الانتحار، كما أن هناك دوافع اجتماعية تؤدى إلى الانتحار منها: الانشغال الزائد لأفراد الأسرة والتطور الزائد فى مجالات الحياة المختلفة والإحساس بالاغتراب داخل الأسرة الواحدة. وتقوية الوازع الدينى أمر ضرورى لمواجهة هذه المشكلة.
شخصية غير سوية
تقول د. سعيدة أبو سوسو (أستاذ علم النفس): الشخصية غير السوية هى التى تقدم على ارتكاب جريمة الانتحار حيث لم يستطع صاحبها مواجهة ظروف الحياة ومشكلاتها ويصبح فريسة للاكتئاب النفسى الذى يدفعه لإنهاء حياته معتقدا أن ذلك هو الحل الوحيد لحالته.
ولا شك أن هناك ظروفاً اقتصادية واجتماعية صعبة تواجهها الأسر فى هذا الزمان بعد أن كثرت وتعددت متطلبات الحياة وفى الوقت نفسه فإن الدخل لا يكفى لتحقيق هذه المتطلبات فمن خلال هذه الظروف المحيطة بالشباب وأسرهم وفى غياب الوازع الدينى يضطر هؤلاء الشباب الى الإقدام على الانتحار!(مستشفى العقلاء)
وتضيف : لمواجهة هذه الجريمة التى هى فى الحقيقة غريبة على قيمنا وأخلاقنا يجب علينا التركيز على نشر الوعى الدينى بين أفراد المجتمع فالدين هو الحصن المنيع فى مواجهة مثل هذه الجرائم والمشكلات وكذلك الحرص على التنشئة الاجتماعية السليمة لأطفالنا منذ نعومة أظفارهم وأن تكون التربية بعيدة عن التدليل حتى يتعلموا الاعتماد على أنفسهم من البداية وتكون لديهم القدرة على مواجهة المشكلات بعقلانية وحكمة فلا يجزعوا ولا يتخبطوا أمام المواقف الصعبة.
قنوط ويأس
يقول د. محمد المختار المهدى (الأستاذ بجامعة الأزهر) - يفسر وجود هذه الحالات بأنه نقص فى الإيمان بقضاء الله وقدره فى عباده وفى ملكه فالمنتحر يوسوس له الشيطان حتى لا يرى الأشياء إلا سوداء قاتمة لا أمل فى تغييرها أو تبديلها وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على أنه ليس له أمل فى الله وصدق الله العظيم إذ يقول فى كتابه العزيز (إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ) (يوسف:87).
فالمنتحر يرى كل الطرق وقد أغلقت فى وجهه وهذا خطأ كبير فلا بد من النظر إلى البدائل وأن الأمور تتبدل وتتغير ولا يبقى شىء على حاله.
الزوجة الخائنة:
ويضيف: أن طريق الله واتباع سنة رسوله الكريم هما المخرج لنا الذى يحمينا من الوقوع فى مثل هذه الجرائم مهما قابلنا من مشكلات وأزمات فالمؤمن متفائل بطبعه يواجه كل أحداثه برضا وصبر لأنه يدرك أن للكون ربا يصيره كيف يشاء بعدله ورحمته فلا يأس من رحمته ولطفه. ولكل تعب وجهاد ثوابه وأن الدنيا ليست كل شىء وإنما هى معبر إلى حياة أوسع وأرحب وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "لو أن الدنيا تساوى عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء" ولا شك أن هذا اليقين إن استقر فى قلب الإنسان لما اهتز لأية حادثة مهما بلغت ضراوتها، فمثلا الزوجة الخائنة يمكن للرجل أن يطلقها كما سمح له الشرع وحسابها على الله.
والفقر والحاجة لا يدومان وما عند الله خير وأبقى وهكذا.
ونحن فى حاجة إلى نشر الفكر الدينى الصحيح من خلال البيت والمدرسة ووسائل الإعلام حتى لا يسهل وقوع المسلم فريسة لليأس الذى يدفعه إلى ارتكاب هذه الجريمة البشعة(مستشفى العقلاء)
ليس حرا
يقول الشيخ منصور الرفاعى عبيد: إن الانتحار جريمة ضد النفس البشرية التى كرمها الله أى إن القاتل يعتدى على نفسه دون حق والإنسان بنيان الله ملعون من هدمه والمنتحر قد يتصور أنه حر فى نفسه وهذا خطأ كبير لأن الذى يملك النفس هو الله وهو الذى يزهقها وعلى ذلك فإن المنتحرين قوم يأسوا من الحياة وينقصهم الفهم الشامل لجوانبها المختلفة فيتصورون أن الحياة قد انتهت إذا صادفتهم مشكلة ما!
ولو رجع الإنسان إلى نفسه وتدبر قيم دينه وأوامره ونواهيه لما أقدم على هذا الفعل يقول تعالى: (وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ) (يوسف:87) فاليأس والقنوط ليسا من قيم الإسلام لأن المسلم يجب أن يوقن أن أمره كله خير كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" (رواه مسلم).
ويضيف : إن الاسلام يبين لنا جزاء المنتحر وخطورة الإقدام على مثل هذه الجريمة فى قوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يتوجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بسم فسمه فى يده يتحساه فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى فى نار جهنم خالد فيها أبدا".
والانتحار ضعف فى شخصية الرجل وتصدع فى بنائه الدينى والإنسانى فالإسلام يفرض عليه أن يظل فى مكان القيادة من سفينة الأسرة فهو قوام عليها بأمر الله ولا يصح أن يكون أضعف أركانها بل يجب ألا يترك للشيطان سبيلا إلى نفسه.
كلامتنا الأخيرة (مستشفى العقلاء):
متى ينتهي الإسراف والتذبير من الحكومات الإسلامية في أشياء لا تعود على المواطنين بنفع متى تنتهي السرقات والسطو على مستحقات الشعوب وقوت الشعوب  متى تعمل الحكومات الإسلامية على توفير الخدمات والاحتياجات الأساسية للشعوب أليس من حق الشعوب أن تعيش كما يعيشون وأن تقام لهم مشروعات تعود عليهم بالنفع مشروعات حقيقية.
متى تعمل الحكومات في الدول التى تدعي أنها إسلامية في كل الدول وأولها العربية على تعليم الناس لدينهم وإدخل الدين في المنهاج التعليمية بدل من تنحية الدين تماما عن الحياة وكأن الدين أنزل ليكون في المسجد فقط.
الحكومات العربية والإسلامية تضييق على الشعوب والشباب خاصة ثم تلمهم على الانتحار وتلمهم على ما يفعلونه ويقولون لهم أليس عندكم دين أي دين يا سادة وأنتم أول من أفسد الدنيا والدين ولا نعمم فهناك من يستحق الاحترام.
لا تخدعوا الشعوب فإن يآسة الشعوب أكلت الأخضر واليابس فلا تلموا أحد بعدها.

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال