قال الشيخ
أبو بكر الطرطوشى رحمه الله: دخلت على الأفضل بن أمير الجيوش وهو أمير على مصر
فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. فرد على السلام ردا جميلا وأكرمني..
فقلت: أيها الملك.. إن الله تعالى أحلك محلا عاليا شامخا،
وأنزلك منزلا شريفا، وملكك طائفة من ملكه، ولم يرض أن يكون أحد فوق أمرك.. فلا ترض
أن يكون أحد أولى بالشكر منك.. وليس الشكر باللسان.. وإنما بالأفعال والإحسان..
قال تعالي: «اعملوا آل داود شكرا» واعلم أن هذا الذى أصبحت فيه من الملك إنما صار
إليك بموت من قبلك.. وهو
خارج عنك بمثل ما صار إليك.. فاتق الله فيما خولك من هذه الأمة.. فإن الله تعالى
سائلك عن الفتيل والنقير والقطمير.. قال تعالي: «فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا
يعملون»، وقال تعالي: «وإن كان مثقال حبة من خردل آتيناوكفى بنا حاسبين» واعلم أيها الملك أن الله تعالى قد آتى
ملك الدنيا بحذافيرها سليمان بن داود عليهما السلام.. فسخر له الإنس والجن
والشياطين، والطير والوحش والبهائم، وسخر له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب؛ ثم
رفع عنه حساب ذلك أجمع فقال: «هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب» فوالله ما عدها
نعمة كما عددتموها، ولا حسبها كرامة كما حسبتموها.. بل خاف أن تكون استدراجا من
الله تعالى ومكرا به فقال: «هذا من فضل ربى ليبلونى أأشكر أم أكفر» فافتح الباب،
وسهل الحجاب، وانصر المظلوم، وأغث الملهوف أغاثك الله.