لا تكن غرا

لا تكن غرًّا
:: قبل البداية::
قبل الإعداد لهذا الموضوع لم أكن أتخيل أنني سأتأثر به وقلت في نفسي موضوعا يضاف إلى ما سبق لكن بعد اكتمال فكرة الموضوع، وجدت أنه أثر في بشكل كبير وأثر في فكري وتكويني وتخطيطي، لذلك أرجو قراءة الموضوع بتأني والوقوف على معناه فستخرج بنتيجة مبهرة ربما تغيرك للأفضل.

قد تكون هناك بعض الكلمات صعبة لكن بعد الانتهاء من القراءة سوف يكتمل الموضوع في عقلك وقلبك وستقف على معناه وإجمالا ستحصل على وجبة دسمة لغذاء العقل وربما الروح ودفعة من الأمل.
لا تكــن غــــرًّا

قد تكون كلمة غرا غريبة لكن معناها سهل فالغر: من ينخدع إذا خدع وقد تعني جهل الأمور والغفلة عنها. الغرارة تعني: قلة التجربة. وكلمة غرارة سوف تتكرار كثيرا في الموضوع لذلك وجب التنويه.

عناصر:
* لا تكن متخاذلا.
* متى تكون ساذجا؟!.
* لا تكن مقلدا لكل شيئ
* لا تكن متخاذلا أو ضعيفا.
* الأمل هو الحل.

لا شك أن الأمة تمر بمرحلة من مراحل الوهن.. فقلت لنفسي: لماذا هذا الوهن والخضوع والاستكانة والضعف وما أسبابه وما طرق علاجه.. فوجدت الجواب عند السيد الفراتي " الكَوَاكِبي" في كتاب أم القرى حيث قال:

إن من أعظم أسباب الفتور في المسلمين غرارتهم (أي عدم معرفتهم كيف يحصل انتظام المعيشة؛) ، بخلاف الأمم السائرة، ثم قال: لا أرى لزوما للاستدلال على استيلاء الغرارة علينا لأنها مدركة مسلمة عند الكافة، وهي ما ينطوي تحت أجوبتنا عند التساؤل عن هذه الحال بقولنا: إن المسلم مصاب، وإن الله إذا أحب عبدا ابتلاه، وإن أكثر أهل الجنة البلاة، وإن حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، وإن غيرنا مستدرجون، وإنهم كلاب الدنيا، وإنهم أعطوا ظاهرا من الحياة الدنيا، وإنهم في غفلة من الموت، وغفلة عن أن الدنيا شاخت.

:: لا تكن ساذجا ::

ثم قال: فمن الغرارة في طبقاتنا كافة من الملوك إلى الصعاليك أننا لا نرى ضرورة للإتقان في الأمور، وقاعدتنا أن بعض الشيء يغني عن كله. والحق أن الإتقان ضروري للنجاح في أي أمر كان، بحيث إذا لم يكن مستطاعا في أمر، يلزم ويتحتم ترك ذلك الأمر كليا والتحول عنه إلى غيره من المستطاع فيه إيفاء حق الإتقان.

ومن الغرارة وهمنا أن شؤون الحياة سهلة بسيطة، فنظن إن العلم بالشيء إجمالا ونظريا بدون تمرن عليه يكفي للعمل به، فيقدم أحدنا مثلا على الإمارة بمجرد نظره في نفسه أنه عاقل مدبر قبل أن يعرف ما الإدارة علما، ويتمرن عليها عملا، ويكتسب فيها شهرة تعينه على القيام بها.

ويقدم الآخر منا على الاحتراف مثلا ببيع الماء للشرب، بمجرد ظنه أن هذه الحرفة عبارة عن حملة قربة وقدحا وتعرضه للناس في مجتمعاتهم، ولا يرى لزوما لتعلم وسائل إتقان ذلك مثلا: ضرورة النظافة له في قربته وقدحه وظواهر هيئته ولباسه، وكيف يحفظ برودة مائة ، وكيف يقنع الناس بلسان حاله أنه محترف بالإسقاء. إلى نحو هذا من دقائق إتقان الصنعة المتوقف عليها نجاحه فيها، وإن كانت صنعته بسيطة حقيرة.

:: متى تكون ساذجا ::

ومن الغرارة ظننا أن الكياسة في " أدري وأقدر" جوابا للنفس في مقاصد كثيرة شتى. والحقيقة أن الكياسة لا تتحقق في الإنسان إلا في فن واحد فقط يتقنه حق الإتقان في كما قال تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} سورة الأحزاب. فالعاقل من يتخصص بعمل واحد ثم يجاوب نفسه عن كل شيء غيره "لا أدري ولا أقدر"، لأن الأول يتكلف أعمالا لا يحسنها فتفسد عليه كلها، والثاني يتحرى لكل عمل لازم له من يحسنه فتنتظم أموره ويهنأ عيشة.

:: لا تكون مقلدا لكل شيئ::

ثم قال السيد الفراتي أيضا: وإني أرى أن هذا الفتور بالغ في غالب أهل الطبقة العليا من الأمة ولا سيما في الشيوخ.

ومن أقبح آثار هذا الضعف نظرهم الكمال في الأجانب كما ينظر الصبيان الكمال في آبائهم ومعلميهم، فيندفعون لتقليد الأجانب واتباعهم فيما يظنونه رقة وظرافة وتمدنا. وينخدعون لهم فيما يغشونهم به: كاستحسان ترك التمسك بالدين والافتخار به، فمنهن من يستحي من الصلاة في غير الخلوات. وكإهمال التمسك بالعادات القومية، فمنهم من يستحي من عمامته. وكنبذ التحزب للرأي كأنهم خلقوا قاصرين. وكالغفلة عن إيثار الأقربين في المنافع. إلى نحو ذلك من الخصال الذميمة في أهل التخاذل من المسلمين، الحميدة في الأجانب، لأن الأجانب يموهون عليهم بأنهم يحسنون التحلي بها دونهم.

:: لا تكن متخاذلا أو ضعيفا::

وهؤلاء الوهنة يحق لهم أن تشق عليهم مفارقة حالات ألفوها عمرهم، كما قد يألف الجسم السقم فلا تلذ له العافية، فإنهم منذ نعومة أظفارهم تعلموا الأدب مع الكبير، يقبلون يده أو ذيله أو رجله، وألفوا الاحترام فلا يدوسون الكبير ولو داس رقابهم. وألفوا الثبات ثبات الأوتاد تحت المطارق. وألفوا الانقياد ولو إلى المهالك. وألفوا أن تكون وظيفتهم في الحياة دون النبات، ذاك يتطاول وهم يتقاصرون، ذاك يطلب السماء وهم يطلبون الأرض كأنهم للموت مشتاقون.

وهكذا طول الألفة على هذه الخصال قلب في فكرهم الحقائق، وجعل عندهم المخازي مفاخر؛ فصاروا يسمون التصاغر أدبا، والتذلل لطفا، والتملق فصاحة، واللكنة رزانة، وترك الحقوق سماحة، وقبول الإهانة تواضعا، والرضا بالظلم طاعة. كما يسمون دعوى الاستحقاق غرورا، والخروج عن الشأن الذاتي فضولا، ومد النظر إلى الغد أملا، والإقدام تهورا، والحمية حماقة، والشهامة شراسة، وحرية القول وقاحة، وحب الوطن جنونا.

:: الأمل هو الحل ::

ثم قال: وليعلم أن الناشئة الذين تعقد الأمة آمالها بأحلامهم عسى يصدق منها شيء، وتتعلق الأوطان بحبال همتهم عساهم يأتون فعلا مذكورا، هم أولئك الشباب ومن في حكمهم المحمديون المهذبون، الذين يقال فيهم إن شباب رأي القوم عند شبابهم الذين يفتخرون بدينهم فيحرصون على القيام بمبانيه الأساسية نحو الصلاة والصوم، ويتجنبون مناهيه الأصلية نحو الميسر والمسكرات.

الذين لا يقصرون بناء قصور الفخر على عظام نخرها الدهر، ولا يرضون أن يكونوا حلقة ساقطة بين الأسلاف والأخلاف، الذين يعلمون أنهم خلقوا أحرارا فيأبون الذل والأسر.

 الذين يودون أن يموتوا كراما ولا يحيون لئاما، الذين يجهدون أن ينالوا حياة رضية، حياة قوم كل فرد منهم سلطان مستقل في شؤونه لا يحكمه غير الدين، وشريك أمين لقومه يقاسمهم ويقاسمونه الشقاء والهناء، وولد بار بوطنه لا يبخل عليه بجزء طفيف من فكره ووقته وماله.

 الذين يحبون وطنهم حب من يعلم أنه خلق من ترابه. الذين يعشقون الإنسانية ويعلمون أن البشرية هي العلم والبهيمية هي الجهالة.

الذين يعتبرون أن خير الناس أنفعهم للناس. الذين يعرفون أن القنوط وباء الآمال والتردد وباء الأعمال. الذين يفقهون أن القضاء والقدر هما السعي والعمل..

:: الخلاصة والهدف ::

وخلاصة القول: إن الغرارة من أقوى أسباب الفتور، وقد أطلت في وصفها وإيضاحها ليتأكد لنا أن إزالة أسباب الفتور الشخصي ليس من عقيمات الأمور.

أرجو أن يكون الموضوع مفيدا
آدم آدم

4 تعليقات

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

  1. http://www.facebook.com/zakryaa24.9.12

    أولا أوافقك ألرأي في ماقلت وأزيد عليه بأن جميع ماقلته هو ناتج تربية تربينا عليها جميعا حتي أننا نقول أننا مسلمين بلا تطبيق وهم مطبقون بلا أسلام حيث أنني أختصر كل ماكتبت في موضوعك وأضع له عنوان من وجهة نظري هو أخلاق المسلم

    ردحذف
    الردود
    1. حياك الله أخي الكريم ونفع الله بك واشكر لك مشاركتك وتفاعلك مع الموضوع ولا بأس من العنوان الذي وضعته فهو رائع منك وبارك الله فيك

      حذف
  2. إنسان حر16.1.13

    الكلام صعب لكن فهمت الموضوع والهدف واتفق معكم

    شكرا لكم

    ردحذف
  3. أحمد السيد19.2.13

    بصراحة ... كلام جامد جدا بارك الله فيك

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال