"زُحَل" كان طفلا صغيرا، لم يكن كباقي الأطفال، كان محترفا للكذب، كان يذهب إلى بقالة
الحي "رحمة الله عليها"
يشتري عصيرا بخمسين فلس ويخبىء في جيبه كتكات وسنيكر،
كان مشهورا بالتفتين بين الأصحاب وخلق المشاكل بينهم "نقال حكي" حتى أنه لا توجد مشاجرة في الحي إلا وتم استدعائه كشاهد عليها. كان جبانا لا يتجرأ أن يكون طرفا في المشاجرة ولكنه كان شجاعا في قول كلمة الحق كما يدّعي هو عند التفتين.
كان مشهورا بالتفتين بين الأصحاب وخلق المشاكل بينهم "نقال حكي" حتى أنه لا توجد مشاجرة في الحي إلا وتم استدعائه كشاهد عليها. كان جبانا لا يتجرأ أن يكون طرفا في المشاجرة ولكنه كان شجاعا في قول كلمة الحق كما يدّعي هو عند التفتين.
كبر زُحَل
شيئا فشيئا وأصبح في مرحلة المراهقة، لا زال طبعه كما هو لم يتغير. لا زال شاهدا
على كل المعارك الشبابية، كل من حوله أصبح يعرف طبعه فلا يتكلمون بأحد بسوء أمامه
جزاه الله كل خير، فكان يرى نفسه مانعا للشر، توقف عن السرقة من البقالة لأنه من
المطلوبين فيها فلا يقترب منها إطلاقا، لا زال طبع اللصوصية يجري في دمه، لكنه لا
يسرق جهارا نهارا كما كان في أيام طفولته، فهو الآن أذكى وأدهى. أصبح يتلصص
على حاجيات من حوله إن غابوا، فإن وجد فيها ما هو قيم نسبيا استعاره استعارة
أبدية، وكان يحتال على الأطفال الصغار في الحي فيأخذ دراجتهم لمدة ساعتين بدلا من
لفة واحدة كما وعدهم وربما لا يعود بها ويدعي أن شخصا أشهر سكينا في وجهه وأخذها
منه عنوة، وإذا مر بائع هندي بالحي فهو يتفنن في الاحتيال عليه فإن لم يستطع
استخدم القوة والتهديد.
وكبر زُحَل
وبالكاد دخل الجامعة، وبنفس اليوم الذي دخل به الجامعة ربط اسمه بقائمة طلابية
وأعلن أنه مستعد للدخول في مناظرة علنية بين القوائم، وفي يوم المناظرة حصلت
مشاجرة بين طلبة القوائم وكان زُحَل شاهدا
عليها كالعادة، وبعدها طردته كل قائمة منها بعد أن عرفوا تاريخه، مضى زحل إلى بيته
بعدها يفكر مليا بطريقة يصبح فيها "واصل"
و"الكل في الكل" فاهتدى بأن الطريق الأول هو المال.
بعد أن تخرج من الجامعة وتوظف، قرر أن يدخل
انتخابات جمعية المنطقة التي هو فيها وشد ظهره بعائلته وأقربائه ومن حولهم
ليأتمنوه على ميزانية جمعية المنطقة التي تقدر بثلاث ملايين أو أكثر، كل من حوله
فزعوا له رغم معرفتهم به وبتاريخه، وأثاروا من حولهم ليصوتوا له، وانتخوا فلانا
وفلانا من أجله، وفلان ثالث عندما رأى اسم زُحل
واسم عائلته أو قبيلته قرر بأنه هو الأحق بأن يؤتمن على الثلاثة ملايين في الخزينة،
وفاز زحل.
بعد سنة، اشترى زُحل
بيتا جديدا بالكاش فربك يرزق من يشاء بغير حساب، وكان في كل صباح يزور بعض الشركات
المصدرة للأغذية للإرتقاء في نوعية السلع ويأخذه حظه إلى كنز مدفون حول مضارب تلك
الشركات لا صاحب له إلا هو، "لا تظنوا السوء بأخيكم فما من دابة إلا على الله
رزقها." وامتلك زحل سيارة "كشخة" بالكاش طبعا و أنشأ ديوانا
فارها يتم استقبال مرتاديه بالقهوة والعصير وكل ما لذ وطاب، وظل على هذه الحالة
مدة من الزمن، قرر أن يصبح واصلا مرة أخرى ولكن بصورة أكبر، فأشار إلى نفسه بأن
يعلن ترشيح نفسه في الانتخابات الشعبية
، أخذ يلبس قناع الوطنية والحرية والديمقراطية، وأخذ ينتقد الحكومة بشكل حاد في
الدواوين، وأعلن رفضه للظلم الواقع في البلد، وأعلن محاربته لسارقي المال العام، واستخدم الأربع مذاهب العربية في التنديد
والشجب والاستنكار و الإدانة في كل مناسبة وغير مناسبة.
هاجم نواب الدائرة المخلصين والغير مخلصين
وأعلن تحديه لهم في مناظرة مباشرة لينبح فيها وينعق، لكنهم رفضوا هذا الأسلوب في
الانتخابات فهو جديد لم يعتادوا عليه بعد فواقعنا يقول بأن كل جديد يحرمه الناس
على أنفسهم، أشهرَ زحلُ للملأ بأن نواب
المنطقة علموا بقدرته على فضح تجاوزاتهم المالية والأخلاقية ولذلك لم يكونوا
يريدون مواجهته، ولا زالت مجموعة من الناس ملتفة حوله تنعق بما ينعق وتتطاير
كالعصافير الكادحة من مكان إلى آخر ناقلة كلامه وقد أعماها روح الفزعة.
اقترب الموعد، شاركه السفهاء من الناس في حملته الانتخابية، وساعده
المخلصون جدا في توزيع الصدقات على الناس في أحد الأيام الذي صادف أن يكون هو نفس
يوم الانتخابات. للأسف أن الناس تسيء الظن به وتقول أنه مرتشي أستغفر الله، ولو
أنهم أحسنوا الظن لعلموا كم هو حريص على الأجر حتى وهو في قمة انشغاله في
مسألة الانتخابات جزاه الله عنا كل خير.
أغلقت الصناديق، حصل كثير من الناس على
وثائقهم الرسمية من مندوبي زُحل، وفاز الحرامي زُحل.
قال أحد الحكماء المعاصرين:
رأيت جرذا يخطب في النظافة
ويحذر الأوساخ من العقاب
وحوله يصفق الذباب
ملاحظة هامة:
زُحل مجرد شخصية خيالية لا تشير إلى أي شخص بعينه سواء بطريقة مباشرة
أو غير مباشرة أو بأي طريقة أخرى يتم اختراعها في المستقبل