الصراع الفكري مع النفس

رسالة إلى النفوس الحائرة
مم لا شك فيه أن الصراع الفكري دائم على مر العصور والأزمان، فهناك العديد من الدول الكبرى لجأت إلى الصراع الفكري لحسم بعض المعارك التي عجزت عن حسمها الحروب والقوة؛ بل فرضت على بعض الشعوب ثقافاتها وحضارتها بفضل (الفكر) ورفع العالم شعارًا جديدًا وهو محاربة الفكر بالفكر وهذه سنة حتمية في الكون على مر العصور: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
وحتى لا أطيل في المقدمة إليكم الموضوع:
(1)
عندما كنت في المرحلة الثانوية كنت حريصا على شراء الجرائد بمختلف توجهاتها فكونت فكرة متواضعة عن كل قوى المجتمع بأفكارها وتطلعاتها ومرجعياتها.
وعندما دخلت الجامعة أصبحت أري تطبيق الأفكار والمرجعيات في المجتمع رأي العين ورأيت الصراع محتدما بين الأفكار.
وقد كانت هذه المرحلة أصعب مرحلة في حياتي لأنها كانت مرحلة التكوين الفكري والثقافي.
وخلاصة القول أقول: إنني مررت بمراحل متباينة فتارة أميل إلى فكرة وعلى الفور أتركها وأؤيد فكرة أخرى وأدعو لها وأتحمس إليها وما ألبث أن أتركها لغيرها وهكذا...
وهذا سلوك طبيعي في هذه المرحلة (مرحلة التكوين) وقد اضطررت إلى الدخول في صراع عقائدي واستمعت إلى كل المشككين في الإٍسلام والعقائد ولكنني حسمت الأمر وقد دخلت في حوارات مع مسيحيين ويهود وشيعة ودخلت في حوارات مع أهل السنة بكل توجهاتهم.
والخلاصة من هذا السرد هو أنني استفدت من كل هذه الحوارات (أنه عند الدخول في صراع فكري) لا بد أن تحسم هذا الصراع بنفسك وأن تبحث فيه بنفسك ثم تحدد في النهاية أنت مع من؟
(2)
وهنا أتذكر محاضرة لأحد العلماء عندما ألقى سؤالا على الحاضرين: لماذا أنت مسلم؟ ولم يمهلهم لسماع الإجابة فأجاب: لأنني نشأت مسلما وولدت مسلما... ثم قال: هذا لا يكفي ولكن عليك أن تبحث بنفسك وتتعلم المزيد عن الإسلام..
فكانت هذه المحاضرة نقطة تحول في حياتي فانطلقت بعدها أبحث هنا وهناك حتى أجيب عن هذا السؤال فاستطعت الإجابة عليه بنفسي واقتنعت بها.
أبي الإسلام لا أب لي سواه  ***  إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ
إن يختلف ماء الوصال فمـاؤنا  ***  عذبٌ تحدَّر من غمامٍ واحدِ
أو يفترق نسب يؤلف بيننا  ***  دين أقمناه مقام الوالد
(3)
وأعترف أنني وجدت صعوبة في بعض الأمور وهي:
      العقيدة بها مصطلحات صعبة فعدت إلى أهلها و شرحها ووقفت على معاينها فيسر الله على فهمهما.
* اللغة العربية بها صعوبة فعدت إلى أهلها واستفدت منهم.
* بعض فروع العلم وجدت أنني لابد من مراجعة أهلها حتى جلت ووضحت أمامي تماما.
وأثناء بحثي كنت محايدًا منصفًا مجادلاً من نوع خاص (جدال الباحث عن الحقيقة) لا المجادل لمجرد الجدال، أو صاحب هوى.
لذلك على كل من يتحير في أي موضوع أو يشك فيه فيجب عليه ألا يميل لأي رأي لمجرد أنه يوافق هواه، ولكن عليه أن يبحث بنفسه ويجهد نفسه حتى يصل إلى بغيته ومراده وأن يبحث بموضوعية ويجنب الأهواء والميول القلبية حتى يخرج بنتيجة ترضيه وتقنعه
ولست هنا في معرض لتأييد الأفكار والتوجهات ولكن هذه روشتة علاج سريعة أحببت أن أعرضها للحائرين والتائهين والباحثين عن الحقيقة.
وأخيرا أختم الموضوع بهذه الأبيات:
تاللهِ مَا الدعواتُ تُهزَمُ بالأذى *** أبداً، وفي التاريخِ بِرُّ يَميني
ضَعْ فِي يَدَيَّ القيدَ أَلْهِبْ أَضْلُعِي ***  بِالسوطِ ضَعْ عُنُقِي عَلى السكينِ
لنْ تستطيعَ حِصارَ فكريَ ساعةً *** أوْ كَبْحَ إِيماني وَرَدَّ يَقيني
فالنورُ في قلبي وقلبي في يَدَيْ *** رَبي وربي حافظي ومُعيني
آدم آدم -

2 تعليقات

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

  1. غير معرف20.6.12

    اللهم أحينا على الإسلام وأمتنا على الإسلام واحشرنا فى زمرة المسلمين تحت لواء سيد المرسلين، وهيئ لنا من أمرنا رشدا.

    ردحذف
  2. اللهم آمين أخي الكريم

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال