منطق التفكير

منطق التفكير
"نص للإمام أبي حامد الغزالي يعلم الناس منطق في التفكير، لم يكن أبو حامد الغزالي يجيب عن السؤال إذا ما سئل وإنما كان يعلم سائله كيف يفكر كيف يصل هو بنفسه إلى إجابة سؤاله وغيره من الأسئلة كيف لا يكون مجرد تابع يعتنق أي فكر لثقته بأي عالم ،رحم الله الغزالي وجزاه عنا خيرا.
 -فاعلم أن الأمور التى تخوض فيها قوة المفكرة ترجع الى أربعة أقسام:
معقولات ومحسوسات ومقبولات ومشهورات:
فأما المعقولات: فما لا يدرك إلا بالعقل على التجريد كعلمنا أن الضدين لا يجتمعان وأن الشئ لا يصح أن يكون متحركا ساكنا فى حال واحدة وأن الواحد قبل الاثنين
وأن الحادث له أول وأن ماكان مع الحوادث معية زمانها فهو حادث فكل ما لا تدريه إلا من جهة العقل
وأما المحسوسات: فما تدريه من جهة الحواس الخمس كالفرق بين الألوان والفرق بين الطعوم والملموسات والفرق بين المسموعات والفرق بين المشمومات والفرق بين المذوقات
وأما المشهورات: فهى العادات الراجعة الى عادات الخلق والبلاد والأمم والأزمنة كعادة الناس فى اللباس والفرح والأغانى والأحاديث والسير الكريمة كترك الظلم وبر الوالدين وشكر المنعم والكف عن الجار والنصفة من الظالم وإفشاء السلام التى هى الآن متممات الأحكام الشرعية وهى من قبل الرسل تعقل وقد كانت العرب وسائر الأمم السالف كالهند وغيرهم يستنون بذلك وعلى الجملة لكل أمة ملك يحمى من الظلم و بذلك قوام العالم.
أما المقبولات: فما أخذ من طريق الأخبار وهو كل ما يخبر به العدل الثقة أو الثقات فمتى ورد عليك شئ من أى علم كان وفرع سمعك أو أورد عليك فانظر وسل من أى قبيل
هو من هذه الأربعة أقسام: فأما العقليات فلا تتبدل أحكامها عما هى عليه فى العقل والمحسوسات لا تتبدل ولكن يتطرق إليها الغلط بآفات تحدث فى الآلات الجسمانية
وأما المقبولات والمشهورات فغير موثوق بها فإنها تختلف باختلاف الأمم والبلاد وحالات الأشخاص فالحق كل قبيل بقبيله وميزه من سواه فلا تغلط أبدا الآباد فما قام عندك من دليل عقل أو حس على شئ وتصححت أجزاء حده وبرهانه وتبرهن لك البرهان على صحة تلك الأجزاء والبرهان تبرهن به على مطلوبك فهو برهان حق وماورد عليك مما سوى ذلك فأنزله على مرتبته فلا تعد شيئا من حده ولا تجعل المقبول معقولا ولا المعقول مقبولا ولا المشهور محسوسا ولا المحسوس مشهورا ثم انظر كيف مأخذ المقبول
مثل أن القرآن معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلم قطعا أن هذا القرآن مأخوذ عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ابن عبد الله ابن عبد المطلب بن هاشم الكائن بمكة صلى الله عليه وسلم وكذلك تعلم بوجوده وسيرته المستفيضة.
وأما الأحكام فمأخذها مقبولة ولا يلزم أن تبرهن لنا لأن الخلق محتاجون إليها ولو أدركوا الأحكام بعقولهم لما كانت فائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا لم يكن فى عقولهم استقلال بها أولا فكذلك أخرا إذا اتصلت بهم فلذلك لم يطلب أن يقوم على الأحكام برهان.
وهذا منتهى ما أردنا أن نشير به من المدخل الى العلوم الإلهية وننبه به على الأسرار الروحانية فإن ساعد الدهر السليم والغريزة المعتدلة على الحاق ما فى معناه به كفى المسترشد وإلا تشوق الى المطالعة والرب تبارك وتعالى المسئول أن يلم الشغث ويجبر الصدع وينير البصيرة ويجرى على اللسان الصدق ويختم بالخير ويجعلنا به وله فيما نأتى ونذر وأن يتجاوز عنا إذا وفدنا اليه محتاجين الى عفوه فقراء الى فضله منقطعين عن الأهل والوطن مخلفين الأبناء مبعدين الأباء قد حيل بيننا وبين القريب والصاحب ونفانا الموالى والأقارب إذا برقت العين وخفت الشفة ويبست القدم وحيث لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون لا يستجيب لمن دعاه لا يرى شق الجيوب عليه حين وفاته أذكركم الله تعالى إخوانى وأوصيكم به فكونوا به ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ثم الصلاة على بنى الرحمة وشفيع الأمة محمد صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما والحمد لله رب العالمين

"مجموع رسائل الغزالي99-100 "

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال