قبل أن تسقط المملكة أو الدولة؟!


سئل ملك كان قد زال عنه الملك فقيل لاي سبب انتقلت الدولة عنك وسلمت إلى غيرك وسلبت منك؟
فقال لاغتراري بالدولة والقوة ورضاي برايي وعلمي وغفلتي عن المشورة وتوليتي لآصاغر العمال، على اكابر الأعمال، وتضييعي الحيلة في وقتها وقلة تفكري في الحيلة وإعمالها وقت الحاجة إليها والتباطؤ والوقفة في مكان العجلة والفرصة والاشتغال عن قضاء الحوائج. وقيل أي الاشرار أكثر شراً فقال الرسل الخونة الذين يخونون في الرسالة لاجل اطماعهم فكل خراب المملكة منهم كما قال ازدشير: فيحقهم كم سفكوا من الدماء وكم هزموا من الجيوش وكم هتكوا من أستار ذوي الحرمات الاحرار، وكم من يمين كذبوها بخيانتهم، وكم من عهود نقضوها بقلة أمانهم وكم اجتاحوا من الأموال،
قال ازدشير: إذا كان الملك عاجزاً عن اصلاح خواصه ومنعهم عن الظلم فكيف يقدر على رد العوام الى الصلاح قال الله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) فالعرب تقول أنه ليس شيء أضيع للملك وأفسد للرعية من تعذر الإذن في الدخول وتكاثر الحجاب، وصعوبة الحجاب. وإذا كان الملك سهل الحجاب لم يكن للعمال أن يجوروا على الرعايا وخافت الرعية من جور بعضهم على بعض ومن سهولة الحجاب يكون للملك على الرعية من جور بعضهم على بعض ومن سهولة الحجاب.
قال سقراط الحكيم: علامة السلطان الذي يدوم ملكه أن يكون الدين والعقل منه حيين في قلبه ليكون في قلوب الرعية محبوباً، وأن يكون العقل قريباً، وأن يكون طالباً للعلم ليعلم من العلماء وأن يكون فضله غزيراً، وبيته كبيراً، ليعظم عند الفضلاء، ويربي الأدباء ليتفرع عنه الأدباء، وأن يبعد عن مملكته متطلبي العيوب لتبعد عنه العيوب. وكل ملك لم يكن له مثل هذه الخصال لا يفرح بمملكته، وتسرع إليه دواعي هلكته، ويتلف أقرباؤه على يده وجلساؤه لأن القيل يظهر من عدم العقل
قال الحسن البصرى: كل ملك عظم أمر الدين كان عند رعيته مهيباً عظيم القدر والأمر ومن عرف الله تعالى تعرف الخلق به واختاروا أن يكونوا معارفه كما قال الشاعر:
من عرفَ اللَهُ تعالىَ اسُمَهِ ... آثرَ كُلُ الخلق عرفاتَه
طُوبي لمن أول ما حازهُ ... معرفة الخالق سُبحانه
قال بزر جمهر: ينبغي للملك أن لا يكون في مملكته أقل من البستاني في حفظ بستانه إذا زرع الريحان ونبت بينه الحشيش إستعجل في قلع الحشيش كيلاً يضبط أماكن الريحان.
قال أفلاطون: علامة السلطان لامظفر على العدو أن يكون قوياً في نفسه لازماً لصمته مفكراً في رأيه وتدبيره بقلبه وان يكون عاقلاً في ملكه شريفاً في نفسه حلواً في قلوب الرعية رفيقاً في سائر أعماله، مجرباً لعهد من تقدمه خبيراً بأعمال من هو أقدم منه صلباً في دينه وعزمه. وكل ملك تجمعت فيه هذه الخلال، وحصلت له هذه الخصال، كان في عين عدوه مهيباً، ولا يجد العائب له معيباً، إذا كان الملك يرى أن حوله وقوته بالله جلت قدرته وإن كان عدوه قوياً فإنه يظفر به وينتصر عليه، مثاله قول الله عز وجل (كم مِن فئةٍ قليلةِ غلبًت فئةً كثيرة بإذنِ اللهِ والُله مع الصابرينَ) .
بقلم آدم آدم - المراجع: التبر المسبوك في نصيحة الملوك لأبو حامد الغزالي

1 تعليقات

شاركنا رأيك وكن جزءًا من مجتمعنا!

  1. السيد مصطفى10.3.13

    بارك الله فيكم موضوع رائع جدا....

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال