إن المشاكل والأزمات إنما تنشأ حينما
نسير في كون الله على غير هدى الله وبغير منهجه؛ لذلك تسمع مَنْ يقول: العيشة ضَنْك، فلا يقفز إلى ذهنك عند سماع هذه
الكلمة إلا مشكلة الفقر، لكن الضنك أوسع من ذلك بكثير، فقد يوجد الغِنَى
والترف ورَغَد العيش، وترى الناس مع ذلك في ضنك شديد.
فانظر مثلاً إلى السويد، وهي من أغنى دول العالم، ومع ذلك
يكثر بها الجنون والشذوذ والعقد النفسية، ويكثر بها الانتحار نتيجة الضيق الذي يعانونه،
مع أنهم أغنى وأعلى في مستوى دخل الفرد.
فالمسألة - إذن - ليست حالة اقتصادية، إنما مسألة منهج لله تعالى غير
مُطلَّق وغير معمول به، وصدق الله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القيامة أعمى} [طه: 124] .
لذلك لو عِشْنا بمنهج الله لوجدنا
لذة العيش ولو مع الفقر.
المصدر: كتاب تفسير الشعراوي